الفيلا 47
الفيلا 47 تشهد أحداث القصة التي سوف نرويها عن هذه الفيلا وكيف بنيت ولمن بنيت والظروف التي مرت من أول بناءها مع تعايش مع الاحداث لكل الناس الذين كان لهم ارتباط مباشر أو عابر معها من مقاول وعمال وأفراد كانوا ينتظرون بفارق الصبر حتي تنتهي الأعمال بها والمفارقات السعيدة والحزينة والمبكي المضحك فيها.
واستغلال المقاولين للعمال البسطاء الذين تركوا ديارهم من أجل لقمة العيش ومعاناتهم اليومية مع الحياة التي فرضت عليهم فعاشوها بما قدر لهم بأن يعيشوها فيه.
بعد أنتظار للدورفي الإسكان لمدة تزيد عن الخمسة عشرة سنة وصل الدور لصاحب الفيلا 47 وخير بين أستلام أرض وبناءها وبين أخذ المبلغ وشراء منزل جاهز, وأختار صاحبنا أن يأخذ الأرض ويني فيلته علي طريقته الخاصة مع أستلام أقساط البناء علي دفعات من الحكومة ,ولأنه مشغول في وظيفته فقد أوكل هذه المهمة الي أخيه الصغير لأختيار المقاول المناسب.
أحضر أخوه المقاول الي قطعة الأرض وتم الأنفاق علي أن يستلم القسط الأول ويبدأ بالعمل وقام الأخ بالدفع , وطال الأنتظار ولم يتم شئ فقد أخذ المقاول المزيف المبلغ وهرب الي بلده ولم يعد .
صاحب الفيلا 47 أقترض من البنك حتي يغطي المبلغ ويبدأ , وأختار هذه المرة مقاولا بنفسه بدا أمينا واثبتت الأيام أنه كذلك ولكنه لم يكن يملك من متاع المقاولات إلا ثلاثة عمال ,أخوين وأبن عم لهم مازال حتي الأن يحفظ أسماءهم ,الأخوين أحمد ومحمود وأبن عمهم قناوي,عمال أرتسمت علي وجوههم كل أيات الحرمان والتعب من الحياة,وكان صاحب الفيلا 47 يطلق عليهم لقب الأيتام الثلاثة من شدة البؤس الذي كان يرتسم علي محياهم ببسمتهم الضعيفة وفرحهم كلما سألهم ماذا يطلبون علي الغذاء اليوم .
بدا العمل بطيئا ومملا في الفيلا 47 فلا أحد يستطيع أن يبني فيلا من ثلاثة أدوار بثلاثة أيتام ضعفاء ولو لم يكن هو من يطعمهم كل يوم لتوقفوا هم عن العمل أيضا.
خطرت لصاحب الفيلا 47 فكرة جميلة ليخيف بها المقاول ويجعله يحضر أفراد أكثر للعمل بالموقع
فطلب من صاحبه في الشؤون الأجتماعية أن يزور الأيتام الثلاثة في الموقع ويسألهم عن أحوالهم ويهدد المقاول بسحب رخصته لأنه يسئ معاملة العمال ولايعطيهم حقوقهم ,تري هل ستفلح الخطة؟؟
أحضر صاحب الفيلا 47 صاحبه من الشؤون في صباح اليوم التالي فأخذ يلف داخل المبني والمقاول يرقبه بعينيه جيئتا وذهابا وبعد أن أكمل مرورره سأل المقاول وهو مكفهر الوجه كل هذا العمل يقوم به فقط هؤلاء العمال الثلاثة ,الأتخاف اهال فيهم,لماذا تستغل ظروفهم وحاجتهم للعمل فتكلفهم مالايطيقون.
المقاول وهو متعلثم - هنالك عمال أخرون سيحضرون لمساعدتهم ولكنهم تأخروا بالحضور.
صاحب الفيلا 47 - أذهب وأحضرهم بالحال الأن.
يهرول المقاول خارجا من المنزل ويقع الأثنان من الضحك علي منظره.
يسأل صاحب الفيلا47 العامل أحمد وهو أكبرهم ماهي صنعتك فيرد بأنه يجيد كل فنون البناء من نجارة وحدادة ومراقبة عمال وهو يخرج مع المقاول من الساعة الخامسة صباحا الي أي موقع عمل يحدده له المقاول ولا يعود إلا بعد الساعة الخامسة مساءا والعمل متعب ومتواصل وخصوصا أن المقاول يحاول أن ينجز بهم هم الثلاثة كل الأعمال ولذلك كان العمل يطول ويصبح مملا ومهلكا في نفس الوقت حيث أن المقاول لايراعي فيهم أية حقوق وكأنهم سبية وليسو ا عمال وكأن الحال قد عاد بعصر العبيد ولكن في القرن العشرين بأستغلال هؤلاء العمال شر أستغلال. في صبيحة يوم من أيام البناء في الفيلا 47 جلس صاحب الفيلا مع العامل أحمد وهو يكتنفه الفضول لمعرفة قصة حياة هذا العامل وكفاحه من أجل لقمة العيش ,فأخذ يسأل العامل أحمد:-
صاحب الفيلا - هل تعرف القرأة والكتابة؟
أحمد - أنا خريج دبلوم صناعة من مصر -قسم مساحة ومباني وأخي محمود يقرأويكتب أما أبن عمنا قناوي فهو فلاح وأمي لا يعرف القرأة والكتابة.
وقد حضرنا للعمل بالكويت نحن الثلاثة من نفس القرية في الصعيد,وأنا أكبر هم سنا ورئيس عليهم.
صاحب الفيلا - وأين تسكنون؟
أحمد -نحن نسكن في سكن للعزاب وأغلبيتهم من العمال من مصر,وكل غرفة ينام فيها من أربع الي خمسة أشخاص,والبيت يكتض بما يقارب الثلاثين شخص يستخدمون حمام واحد,والمبني قديم ومتأكل
تعيث الرطوبة فيه فسادا.
صاحب الفيلا - وكيف يعاملكم المقاول؟
العامل أحمد- سمعتك مرة تقول بأننا أيتامه الثلاثة ,وتصور عندما يأكل الوصي علي الأيتام حقهم وجهدهم,فنادرا مايقوم بدفع الحساب لنا علي عملنا ودائما مايتحجج بأن صاحب المبني لم يدفع له أي قسط حتي الأن وتمر أيام وفي بعض الأحيان شهور لا نبعث لأهلنا أية مبالغ نقدية أو حوالات ونظل في شجار معه حتي يتكرم ويعطينا جزء من مالنا الذي في ذمته الواسعة.
صاحب الفيلا - أنا أعطيه أقساطه أول بأول فلا يتحجج لكم بذلك.
أحمد -إنه كالزئبق ياسيدي لاتستطيع أن تمسك عليه شيئا.
صاحب الفيلا - وما يجبركم عل العمل عنده؟
أحمد - أنه كفيلنا هنا في هذا البلد,وهو يحتفظ بجوازات سفرنا عنده حتي لانغادر البلاد بدون علمه
ويستطيع أن يرحلنا من البلد في أي وقت يشاء ومتي ماشاء,حتي أنه لايوجد مايثبت ساعات عملنا لديه
لو أحب أن ينكرها علينا.
صاحب الفيلا - وبأهتمام شديد وهل يفعل ذلك؟
العامل أحمد - في الحقيقة لا ولكنه يماطل كثيرا وأنت تعرف الأحوال في مصر,فنحن الثلاثة تداينا حتي نحصل علي الأقامة ودفعنا مبالغ تعتبر بالنسبة لنا كبيرة حتي نحصل علي الإقامة في هذا البلد.
صاحب الفيلا وكنوع من تغيير أتجاه الحديث الذي بدأينحي الي الحزن, ماذا تريدون اليوم أن تكون وجبة الأكل ؟
العامل أحمد وقد أحس بذلك - يبدو أنني سببت لك الصداع ياسيدي بحديثي عن مشاكلنا التي لا تعد ولاتحصي.
صاحب الفيلا 47 - لا أبدا ولكن علي الذهاب الأن حتي أحضرلكم الطعام قبل الظهيرة.
العامل أحمد -شكرا لك ياسيدي,سعدت بالتحدث معك. يحضر صاحب الفيلا47 الطعام الي الأيتام الثلاثة كما يحب أن يسميهم ويغادر الفيلا الي منزله حتي يتناول طعام الغداء مع زوجته.
يجلس العمال الثلاثة حول الأكل ويبدأ قناوي حديثه عن صاحب الفيلا47 ممتدحا إياه وكيف أنه أصاب أنواع من الطعام لم يصبها مع مقاوله أبو يوسف منذ عمله معه من عشرة أعوام وكيف أنه يفكر إذا ماأنتهي العمل هنا فكيف سوف يصبر علي عدم تناول مثل هذا الأكل الطيب وكيف أنه يتمني لو كان صاحب الفيلا هو مقاولهم.
يرد عليه العامل أحمد أبن عمه - الفقير يظهر في وجهه الفقر لأربعين سنة بعد أن يصبح غنيا وأنت
حتي الأن لم يظهر عليك أثر الأكل الطيب وكأن صاحب الفيلا يرمي أكله في بئر سحيقة لاقرار لها.
يضحك محمود علي كلام أخيه أحمد ويقول له علي ذكر البئر السحيقة ,لقد ذكرتني بأننا يجب أن نرسل الي والدتنا بعض النقودوعلينا من الغد أن نسأل المقاول بأن يعطينا بعض النقود التي لنا عنده حتي نرسلها بوجه السرعة الي القرية.
العامل أحمد - أو تظنه يفعل؟
العامل محمود - إذا لم يفعل فسوف أتوقف عن العمل نهائيا عنده.
العامل أحمد - وماذنب صاحب القيلا , وماذنب قناوي.
ويضحك الجميع,فشر البلية مايضحك ويعودان لعملهما ليضعا كل همهم فيه ,فلا شئ يشل الأنسان وقدراته مثل التفكير وإعادة التفكير في أمور تصعبت مع الزمن وأصبح من المستحيل حلها خصوصا مع كثرة الناس وقلة الرزق.
مع أن الجميع ضحك إلا أن أحمد يظل يفكر في حاجة والدته الي المال من أجل أخوته ,كيف لا وهو الكبير فيهم ومسؤول عنهم بعد وفاة والده ,كيف لا وماحركه من بلده مصر غير هذا فدبلوم الصناعة الذي يحمله لايوفرله شئ يذكر في مصر وقد شجعه الكثيرون علي الذهاب الي الخليج حتي يستطيع أن
يكسب أكثر ,خصوصا مع وجود فرق كبير في قيمة العملة,وهو لاينكر بأنه بني أحلام كثيرة علي سفره
جعلته يصرف الكثير مما معه ومما تركه لهم والدهم , ولكي يسارع في تحصيل مبتغاه أحضر معه أخوه محمود وترك مهمة رعاية والدتهم الي أخيه الصغير سعد,وقبل السفر تعلق مع الركب أبن عمهم قناوي
فأحوال تشبه الي حد كبير أحوالهم وعنده نصيب من العوز لايقل عن نصيبهم.
تري الي أي مدي حقق العامل احمد طموحاته بعد عشرة سنوات من الغربة والمشقة والبعد عن الوطن وعن الأحباب؟
تتذمر زوجة صاحب الفيلا من بطئ العمل في فيلتها وتقارنه مع أختها التي بدأت في البناء معهم
وتقول له أما زال مقاولك يعمل في الفيلا بأيتامه الثلاثة فقط؟
صاحب الفيلا -بلي ,وقد قررت أن أشتكيه الي حماية المستهلك هو ومكتبه فيوقفوا عمله ولكني فكرت بأبن عمك فهو كفيل المقاول وسوف يغضب عمك إن نحن شكوناه لوزارة التجارة.
الزوجة -علي مضض ,لاداعي لكل ذلك ولكن بين للمقاول أنك غير راض عن العمل وبطئه في الفيلا.
الزوج - سوف أفعل ذلك في أقرب فرصة.
نعود لعمالنا الثلاثة وقد استطاعوا أن يمسكوا بالمقاول ويطلبوه بأجورهم التأخرة ويذكروه بأن أهاليهم
بعثوا لهم يطلبون نقودا وهم بحاجة ملحة لها, وبعد الحاح شديد وشد وجذب بينهما خرجا بنصف مالهم من الأجرة المتأخرة لهم عند المقاول, وسارعوا بعدها الي البنوك في المساء من أجل إصدار تحويلات مالية لأسرهم.
يذهب صاحب الفيلا 47 في الصباح ليري سير العمل فيجده يراوح مكانه فيقسم بينه وبين نفسه بأنه
لن يفوت هذه المماطلة من المقاول وسوف يجعله يزحف علي ركبه قبل أن يستلم دفعته الثانية من النقود,وان غدا لناظره قريب.
في هذا الأثناء يلمحه العامل أحمد فيعتذرمنه علي توقف العمل لأن المقاول لم يسارع في تحضير المواد اللازمة لصب القواعد الخراسانية للفيلا ويرد عليه صاحب الفيلا بأنه سوف يتصرف ويعطيه رقم تلفونه النقال حتي يكلمه كلما حصل تأخير ويطلب منه أن يكون عينه الساهرة علي العمل في الفيلا.
يفرح العامل أحمد بذلك ويفرح أيضا لأنه أستطاع أن يكسب ثقة صاحب الفيلا في وقت قصيرويعاهد نفسه علي أن يكون محل هذه الثقة,فهو يحس بأنه يستطيع أن يعمل معه مشروع مربح يعينه علي ترك المقاول هو وأخوه وأبن عمه قناوي لما لمسه منه من إنسانية في التعامل معهم ولكنه يفكر كيف يقنعه
بأن يصدرترخيصا لهم بالبناء عن طريق إشهار شركة مقاولات بأسم صاحب الفيلا يصبح بعدها هو كفيلهم ,فيربح ويربحون,تري هل سيملك العامل أحمد الجرأة لمفاتحة صاحب الفيلا 47 بمشروعه
أم يضيفه الي ملف أحلامه المنتفخ ,هذا ماستجيبنا عليه الأيام مع الفيلا 47.
في غضون هذه المعمعه من الأفكار والتمنيات يطغي حنان الأبوة والحنان الي الأهل علي مشاعر العامل أحمد خصوصا مع اقتراب موعد سفره الي أهله مع أخيه محمود ليبقي قناوي يراعي مصالحهم
وديونهم عند المقاول البخيل وياله من هم كبير يثقلون به كاهله.
فتبدأ الأفكار تشغل بال أحمد وخصوصا علي ولده البكري محمد فهو مصاب بفقر دم وراثي يسمي
فقر دم البحر الأبيض المتوسط (الثالسيميا الكبيرة) ولذلك فهو يحتاج الي نقل دم بين فترة وأخري
وقد قرر الأطباء زراعة النخاع العظمي ولكنها عملية باهضة التكاليف لمن هم في حالة أحمد المادية
ومقدرة أسرته مجتمين ,هذا غير التطابق في الجينات ولذلك نصحه الأطباء بأن ينتظر حتي يصبح لمحمد أخ يعطيه من نخاعه ولكن هل سينتظر محمد هذا الأخ أم يرحل قبله من شدة هذا المرض وقسوته
كل هذا يؤرق أحمد ويقض مضجعه ولكنه في الأخير يتوكل علي اهلا في كل همومهفهو نعم المولي ونعم النصير ويتذكر دائما أن الشدائد لا تكون الا للرجال الصابرين.
يسافر الأخوين الي مصر لقضاء إجازة الشهرين مع عائلتهم وقد أشتري كل منهم ماقدره اهال عليه من الهدايا للأهل والأحباب,وكما يقولون بصلة المحب خروف.
عند الوصول يستقبلهم الأهل بكل ماأوتوا من شوق فما أحلي
للقاء الأهل بعد افراق
أخوكم - ابن سينا.
الفيلا 47 تشهد أحداث القصة التي سوف نرويها عن هذه الفيلا وكيف بنيت ولمن بنيت والظروف التي مرت من أول بناءها مع تعايش مع الاحداث لكل الناس الذين كان لهم ارتباط مباشر أو عابر معها من مقاول وعمال وأفراد كانوا ينتظرون بفارق الصبر حتي تنتهي الأعمال بها والمفارقات السعيدة والحزينة والمبكي المضحك فيها.
واستغلال المقاولين للعمال البسطاء الذين تركوا ديارهم من أجل لقمة العيش ومعاناتهم اليومية مع الحياة التي فرضت عليهم فعاشوها بما قدر لهم بأن يعيشوها فيه.
بعد أنتظار للدورفي الإسكان لمدة تزيد عن الخمسة عشرة سنة وصل الدور لصاحب الفيلا 47 وخير بين أستلام أرض وبناءها وبين أخذ المبلغ وشراء منزل جاهز, وأختار صاحبنا أن يأخذ الأرض ويني فيلته علي طريقته الخاصة مع أستلام أقساط البناء علي دفعات من الحكومة ,ولأنه مشغول في وظيفته فقد أوكل هذه المهمة الي أخيه الصغير لأختيار المقاول المناسب.
أحضر أخوه المقاول الي قطعة الأرض وتم الأنفاق علي أن يستلم القسط الأول ويبدأ بالعمل وقام الأخ بالدفع , وطال الأنتظار ولم يتم شئ فقد أخذ المقاول المزيف المبلغ وهرب الي بلده ولم يعد .
صاحب الفيلا 47 أقترض من البنك حتي يغطي المبلغ ويبدأ , وأختار هذه المرة مقاولا بنفسه بدا أمينا واثبتت الأيام أنه كذلك ولكنه لم يكن يملك من متاع المقاولات إلا ثلاثة عمال ,أخوين وأبن عم لهم مازال حتي الأن يحفظ أسماءهم ,الأخوين أحمد ومحمود وأبن عمهم قناوي,عمال أرتسمت علي وجوههم كل أيات الحرمان والتعب من الحياة,وكان صاحب الفيلا 47 يطلق عليهم لقب الأيتام الثلاثة من شدة البؤس الذي كان يرتسم علي محياهم ببسمتهم الضعيفة وفرحهم كلما سألهم ماذا يطلبون علي الغذاء اليوم .
بدا العمل بطيئا ومملا في الفيلا 47 فلا أحد يستطيع أن يبني فيلا من ثلاثة أدوار بثلاثة أيتام ضعفاء ولو لم يكن هو من يطعمهم كل يوم لتوقفوا هم عن العمل أيضا.
خطرت لصاحب الفيلا 47 فكرة جميلة ليخيف بها المقاول ويجعله يحضر أفراد أكثر للعمل بالموقع
فطلب من صاحبه في الشؤون الأجتماعية أن يزور الأيتام الثلاثة في الموقع ويسألهم عن أحوالهم ويهدد المقاول بسحب رخصته لأنه يسئ معاملة العمال ولايعطيهم حقوقهم ,تري هل ستفلح الخطة؟؟
أحضر صاحب الفيلا 47 صاحبه من الشؤون في صباح اليوم التالي فأخذ يلف داخل المبني والمقاول يرقبه بعينيه جيئتا وذهابا وبعد أن أكمل مرورره سأل المقاول وهو مكفهر الوجه كل هذا العمل يقوم به فقط هؤلاء العمال الثلاثة ,الأتخاف اهال فيهم,لماذا تستغل ظروفهم وحاجتهم للعمل فتكلفهم مالايطيقون.
المقاول وهو متعلثم - هنالك عمال أخرون سيحضرون لمساعدتهم ولكنهم تأخروا بالحضور.
صاحب الفيلا 47 - أذهب وأحضرهم بالحال الأن.
يهرول المقاول خارجا من المنزل ويقع الأثنان من الضحك علي منظره.
يسأل صاحب الفيلا47 العامل أحمد وهو أكبرهم ماهي صنعتك فيرد بأنه يجيد كل فنون البناء من نجارة وحدادة ومراقبة عمال وهو يخرج مع المقاول من الساعة الخامسة صباحا الي أي موقع عمل يحدده له المقاول ولا يعود إلا بعد الساعة الخامسة مساءا والعمل متعب ومتواصل وخصوصا أن المقاول يحاول أن ينجز بهم هم الثلاثة كل الأعمال ولذلك كان العمل يطول ويصبح مملا ومهلكا في نفس الوقت حيث أن المقاول لايراعي فيهم أية حقوق وكأنهم سبية وليسو ا عمال وكأن الحال قد عاد بعصر العبيد ولكن في القرن العشرين بأستغلال هؤلاء العمال شر أستغلال. في صبيحة يوم من أيام البناء في الفيلا 47 جلس صاحب الفيلا مع العامل أحمد وهو يكتنفه الفضول لمعرفة قصة حياة هذا العامل وكفاحه من أجل لقمة العيش ,فأخذ يسأل العامل أحمد:-
صاحب الفيلا - هل تعرف القرأة والكتابة؟
أحمد - أنا خريج دبلوم صناعة من مصر -قسم مساحة ومباني وأخي محمود يقرأويكتب أما أبن عمنا قناوي فهو فلاح وأمي لا يعرف القرأة والكتابة.
وقد حضرنا للعمل بالكويت نحن الثلاثة من نفس القرية في الصعيد,وأنا أكبر هم سنا ورئيس عليهم.
صاحب الفيلا - وأين تسكنون؟
أحمد -نحن نسكن في سكن للعزاب وأغلبيتهم من العمال من مصر,وكل غرفة ينام فيها من أربع الي خمسة أشخاص,والبيت يكتض بما يقارب الثلاثين شخص يستخدمون حمام واحد,والمبني قديم ومتأكل
تعيث الرطوبة فيه فسادا.
صاحب الفيلا - وكيف يعاملكم المقاول؟
العامل أحمد- سمعتك مرة تقول بأننا أيتامه الثلاثة ,وتصور عندما يأكل الوصي علي الأيتام حقهم وجهدهم,فنادرا مايقوم بدفع الحساب لنا علي عملنا ودائما مايتحجج بأن صاحب المبني لم يدفع له أي قسط حتي الأن وتمر أيام وفي بعض الأحيان شهور لا نبعث لأهلنا أية مبالغ نقدية أو حوالات ونظل في شجار معه حتي يتكرم ويعطينا جزء من مالنا الذي في ذمته الواسعة.
صاحب الفيلا - أنا أعطيه أقساطه أول بأول فلا يتحجج لكم بذلك.
أحمد -إنه كالزئبق ياسيدي لاتستطيع أن تمسك عليه شيئا.
صاحب الفيلا - وما يجبركم عل العمل عنده؟
أحمد - أنه كفيلنا هنا في هذا البلد,وهو يحتفظ بجوازات سفرنا عنده حتي لانغادر البلاد بدون علمه
ويستطيع أن يرحلنا من البلد في أي وقت يشاء ومتي ماشاء,حتي أنه لايوجد مايثبت ساعات عملنا لديه
لو أحب أن ينكرها علينا.
صاحب الفيلا - وبأهتمام شديد وهل يفعل ذلك؟
العامل أحمد - في الحقيقة لا ولكنه يماطل كثيرا وأنت تعرف الأحوال في مصر,فنحن الثلاثة تداينا حتي نحصل علي الأقامة ودفعنا مبالغ تعتبر بالنسبة لنا كبيرة حتي نحصل علي الإقامة في هذا البلد.
صاحب الفيلا وكنوع من تغيير أتجاه الحديث الذي بدأينحي الي الحزن, ماذا تريدون اليوم أن تكون وجبة الأكل ؟
العامل أحمد وقد أحس بذلك - يبدو أنني سببت لك الصداع ياسيدي بحديثي عن مشاكلنا التي لا تعد ولاتحصي.
صاحب الفيلا 47 - لا أبدا ولكن علي الذهاب الأن حتي أحضرلكم الطعام قبل الظهيرة.
العامل أحمد -شكرا لك ياسيدي,سعدت بالتحدث معك. يحضر صاحب الفيلا47 الطعام الي الأيتام الثلاثة كما يحب أن يسميهم ويغادر الفيلا الي منزله حتي يتناول طعام الغداء مع زوجته.
يجلس العمال الثلاثة حول الأكل ويبدأ قناوي حديثه عن صاحب الفيلا47 ممتدحا إياه وكيف أنه أصاب أنواع من الطعام لم يصبها مع مقاوله أبو يوسف منذ عمله معه من عشرة أعوام وكيف أنه يفكر إذا ماأنتهي العمل هنا فكيف سوف يصبر علي عدم تناول مثل هذا الأكل الطيب وكيف أنه يتمني لو كان صاحب الفيلا هو مقاولهم.
يرد عليه العامل أحمد أبن عمه - الفقير يظهر في وجهه الفقر لأربعين سنة بعد أن يصبح غنيا وأنت
حتي الأن لم يظهر عليك أثر الأكل الطيب وكأن صاحب الفيلا يرمي أكله في بئر سحيقة لاقرار لها.
يضحك محمود علي كلام أخيه أحمد ويقول له علي ذكر البئر السحيقة ,لقد ذكرتني بأننا يجب أن نرسل الي والدتنا بعض النقودوعلينا من الغد أن نسأل المقاول بأن يعطينا بعض النقود التي لنا عنده حتي نرسلها بوجه السرعة الي القرية.
العامل أحمد - أو تظنه يفعل؟
العامل محمود - إذا لم يفعل فسوف أتوقف عن العمل نهائيا عنده.
العامل أحمد - وماذنب صاحب القيلا , وماذنب قناوي.
ويضحك الجميع,فشر البلية مايضحك ويعودان لعملهما ليضعا كل همهم فيه ,فلا شئ يشل الأنسان وقدراته مثل التفكير وإعادة التفكير في أمور تصعبت مع الزمن وأصبح من المستحيل حلها خصوصا مع كثرة الناس وقلة الرزق.
مع أن الجميع ضحك إلا أن أحمد يظل يفكر في حاجة والدته الي المال من أجل أخوته ,كيف لا وهو الكبير فيهم ومسؤول عنهم بعد وفاة والده ,كيف لا وماحركه من بلده مصر غير هذا فدبلوم الصناعة الذي يحمله لايوفرله شئ يذكر في مصر وقد شجعه الكثيرون علي الذهاب الي الخليج حتي يستطيع أن
يكسب أكثر ,خصوصا مع وجود فرق كبير في قيمة العملة,وهو لاينكر بأنه بني أحلام كثيرة علي سفره
جعلته يصرف الكثير مما معه ومما تركه لهم والدهم , ولكي يسارع في تحصيل مبتغاه أحضر معه أخوه محمود وترك مهمة رعاية والدتهم الي أخيه الصغير سعد,وقبل السفر تعلق مع الركب أبن عمهم قناوي
فأحوال تشبه الي حد كبير أحوالهم وعنده نصيب من العوز لايقل عن نصيبهم.
تري الي أي مدي حقق العامل احمد طموحاته بعد عشرة سنوات من الغربة والمشقة والبعد عن الوطن وعن الأحباب؟
تتذمر زوجة صاحب الفيلا من بطئ العمل في فيلتها وتقارنه مع أختها التي بدأت في البناء معهم
وتقول له أما زال مقاولك يعمل في الفيلا بأيتامه الثلاثة فقط؟
صاحب الفيلا -بلي ,وقد قررت أن أشتكيه الي حماية المستهلك هو ومكتبه فيوقفوا عمله ولكني فكرت بأبن عمك فهو كفيل المقاول وسوف يغضب عمك إن نحن شكوناه لوزارة التجارة.
الزوجة -علي مضض ,لاداعي لكل ذلك ولكن بين للمقاول أنك غير راض عن العمل وبطئه في الفيلا.
الزوج - سوف أفعل ذلك في أقرب فرصة.
نعود لعمالنا الثلاثة وقد استطاعوا أن يمسكوا بالمقاول ويطلبوه بأجورهم التأخرة ويذكروه بأن أهاليهم
بعثوا لهم يطلبون نقودا وهم بحاجة ملحة لها, وبعد الحاح شديد وشد وجذب بينهما خرجا بنصف مالهم من الأجرة المتأخرة لهم عند المقاول, وسارعوا بعدها الي البنوك في المساء من أجل إصدار تحويلات مالية لأسرهم.
يذهب صاحب الفيلا 47 في الصباح ليري سير العمل فيجده يراوح مكانه فيقسم بينه وبين نفسه بأنه
لن يفوت هذه المماطلة من المقاول وسوف يجعله يزحف علي ركبه قبل أن يستلم دفعته الثانية من النقود,وان غدا لناظره قريب.
في هذا الأثناء يلمحه العامل أحمد فيعتذرمنه علي توقف العمل لأن المقاول لم يسارع في تحضير المواد اللازمة لصب القواعد الخراسانية للفيلا ويرد عليه صاحب الفيلا بأنه سوف يتصرف ويعطيه رقم تلفونه النقال حتي يكلمه كلما حصل تأخير ويطلب منه أن يكون عينه الساهرة علي العمل في الفيلا.
يفرح العامل أحمد بذلك ويفرح أيضا لأنه أستطاع أن يكسب ثقة صاحب الفيلا في وقت قصيرويعاهد نفسه علي أن يكون محل هذه الثقة,فهو يحس بأنه يستطيع أن يعمل معه مشروع مربح يعينه علي ترك المقاول هو وأخوه وأبن عمه قناوي لما لمسه منه من إنسانية في التعامل معهم ولكنه يفكر كيف يقنعه
بأن يصدرترخيصا لهم بالبناء عن طريق إشهار شركة مقاولات بأسم صاحب الفيلا يصبح بعدها هو كفيلهم ,فيربح ويربحون,تري هل سيملك العامل أحمد الجرأة لمفاتحة صاحب الفيلا 47 بمشروعه
أم يضيفه الي ملف أحلامه المنتفخ ,هذا ماستجيبنا عليه الأيام مع الفيلا 47.
في غضون هذه المعمعه من الأفكار والتمنيات يطغي حنان الأبوة والحنان الي الأهل علي مشاعر العامل أحمد خصوصا مع اقتراب موعد سفره الي أهله مع أخيه محمود ليبقي قناوي يراعي مصالحهم
وديونهم عند المقاول البخيل وياله من هم كبير يثقلون به كاهله.
فتبدأ الأفكار تشغل بال أحمد وخصوصا علي ولده البكري محمد فهو مصاب بفقر دم وراثي يسمي
فقر دم البحر الأبيض المتوسط (الثالسيميا الكبيرة) ولذلك فهو يحتاج الي نقل دم بين فترة وأخري
وقد قرر الأطباء زراعة النخاع العظمي ولكنها عملية باهضة التكاليف لمن هم في حالة أحمد المادية
ومقدرة أسرته مجتمين ,هذا غير التطابق في الجينات ولذلك نصحه الأطباء بأن ينتظر حتي يصبح لمحمد أخ يعطيه من نخاعه ولكن هل سينتظر محمد هذا الأخ أم يرحل قبله من شدة هذا المرض وقسوته
كل هذا يؤرق أحمد ويقض مضجعه ولكنه في الأخير يتوكل علي اهلا في كل همومهفهو نعم المولي ونعم النصير ويتذكر دائما أن الشدائد لا تكون الا للرجال الصابرين.
يسافر الأخوين الي مصر لقضاء إجازة الشهرين مع عائلتهم وقد أشتري كل منهم ماقدره اهال عليه من الهدايا للأهل والأحباب,وكما يقولون بصلة المحب خروف.
عند الوصول يستقبلهم الأهل بكل ماأوتوا من شوق فما أحلي
للقاء الأهل بعد افراق
أخوكم - ابن سينا.