قصة سلم الأقدار
من منا أستطاع في يوم أن يهرب من قدره الذي كتب له وتمكن منه فكل شئ و لا يكاد يفارقه فسلالم الأقدار كسلالم لعبة السلم والثعبان فكلما حاولت الصعود ووقعت في مربع به ثعبان قد شرع فاه ليلتهم كل شئ وينزلك الي قاع اللعبة فيذهبُ كل تعبك سدي وإن كنت محظوظا فقد ينزلك في نصف الطريق الذي قطعته ويكون بهذا قد ترفق بك أو يعيدك الي نقطة البداية أو كما يسمونها نقطة الصفر.
كل هذا يعتمد علي فعل قد تأتيه فيصادف قبولا أو يصادف رفضاً في مجال حياتك فلو كانت الأقدار جميلة معك فسيصادف قبولاً وتنطلق كصاروخ عابر للقارات ولن يستطيع شئ أن يقف في طريقك وبلحظات تجد نفسك في القمة والناس حولك يتسألون متي وصل وكيف كان ذلك؟
أما إذا كانت الأقدار بخيلة عليك فستظل تراوح في مكانك الي ما شاء الله ولو شاء القدر أن يكرر نفسه فسنلتقي مرات ومرات بدون موعد مسبق.
سلم الأقدار تراه كم سيحتمل من الأمور والمصاعب حتي يصمد ولا ينهار وكم من الأمور والمصاعب وتراكماتها قد تكسره فتطرح صاحبه أرضاً كجثة هامدة لا تقوي علي الحراك .
بدأ صاحبنا يتسلق سلم الأقدار بعيداً عن وطنه وأحبائه ووالديه وأخوته عندما قرر أن يتزوج أبنة خاله التي أحتلت عليه قلبه وروحه ووافق علي أن يسافر معها الي حيث يسكن خاله ويعمل عبر القارات في الهند وكم كانت الهند بعيدة في زمانه عن موطنه الكويت وكم كان التواصل صعباً وبرغم ذلك حسده الكثيرون من أهله علي سفرته هذه التي سيري فيها بلد العجائب مع خاله التاجر المشهور والمعروف ولكن أي من هذا لم يكن يهمه فقد سافر فقط ليكون دوماً بالقرب من محبوبته وزوجته فوالده وأخوته لا يقلون ثراء ً عن خاله وهم تجار لهم أسمهم وسمعتهم في السوق في الكويت .
هكذا هو حال الدنيا متقلبة لا تستقر علي حال فقد كان خاله تاجراً كبيرا في الهند وزوجته هي أبنته الوحيدة مزنه وهي كما يقولون درة التاج في مملكته وأسمها مشتق من المزن ويعني السحاب الممطر الذي يحي الأرض بعد موتها ويبعث الخير فيها فحتي أسمها كان جميلاً مثلها وترن موسيقاه في أذني عبدالله زوجها كلما سمعه أو نادي به وكان مع خاله ولديه حمد وحمود اللذان يساعدانه في كل أمور تجارته المترامية الأطراف.
راق عبدالله زوج أختهم مزنة لحمد وحمود وسعدا به لأخلاقه و أحساسهم بأنه يحب أختهم ويودها بشدة ولذلك سرعان ما أدخلاه في تجارتهم وعلموه من خبرتهم في التجارة الشئ الكثير مما أكتسبوه من والدهم الحاج سالم وتوسموا فيه الذكاء والفطنة وحسن معاملة الزبائن وهي أمور أساسية لمن أراد أن يسبر غور التجارة ودروبها وينجح فيها وكان لهذا الحب من أخوان مزنة وأبيهم لعبدالله دورا كبيراً في سرعة تأقلمه علي الوضع الجديد في الهند فأصبح يجيد التحدث بلغتهم وبطلاقة في وقت قصير وذلك للغة المسماة بالهندية فقط لأن لديهم كما علم لاحقا ما يقارب الأربعمائة لهجة تقريبا في كل أرجاء الهند فظل لا يستغني عن المترجم أبداً يكلمه بالهندية ويترجم لهم بلغتهم التي يفهمونها أوصاف سلعه وأسعارها وطريقة الدفع التي سيتفقون عليها وكل ذلك علي الثقة والكلمة والعقود التي تبرم بين الطرفين.
يتبع .....................ابن سينا.