أقبلت »دير ماما« تهلّلُ بالحزن فيضَ مظاهرة ٍ
فتغني الحجارة ُ
و السنديانة قرب المزار ِ
و ماء الينابيع ِ
و الطلقاتُ
و يضحي الطريق إلى القبر ِ قوسَ ربابْ
و يضحي العويل عتابا
تبوح بابتسامتها
مثلما القصبُ المتوجّعُ يدعو لدبكة ِ عرس
هي الدبكة ُ انعقدتْ في ظلال الجنازةِ
فابتدأ الرقصُ بالآس ِ
و ابتدا الذبحُ بالصلواتِ
المعاول طبلت العرسَ
بالضربات التي حفرتْ قبرها
استيقظت »دير ماما« تئنّ عتابا
عل ظهرها حدبة الجبل ِ الصعبِ
أمي كقريتنا
انكسرتْ من جبال ِ الهموم ِ أمي الغناءُ الذي ذاب من وجع الصخرِ
أمي القهرُ
شالته في عبّها
فتسربت عبر المساماتِ
حتى تقوّسَ ظهرٌ كدرب إلى القبر ِ
و انشدّ بين شرايينها وترٌ
فتدفق خمرُ الدموع ِ
و نايُ المياه ِ
و أمي المياه التي نضبتْ فتغيرَ طميُ البنينَ و ساح مع الريح كالولولة ْ
افسحوا لي ! !
إنني أحملها من القبر ِ
الذي شُ¯¯بِّ¯ه للأعين ِأن الموتَ فيهِ صحت يا أمّ هذا دمي
فاستعدّي له«
» إنّ هذا هو الليلُ
هذا النهارُ
وفي الأفق خيط دم «
» هل نحن في الصبح ِ?أم في المساءْ ?
في فمي دمُ أمّي بليغٌ
و إني أحاذرُ أن يصبح الدمّ ماءْ
بهذه.... اختتم ممدوح عدوان قصيدة »أمي تطارد قاتلها« من المجموعة نفسها, كواحد من شعراء أدب الحياة, لأنه لم يتوهّم لغة عصور الانحطاط المعاصرة, فاللغة لم تكن وحدها المطلوبة في الشعر, كانتْ وعاء, و طوّعها لتكون وعاءه الخاص الحديث بمفرداته ومضامينه و لا أقول بنبوءاته, »في فمي دم أمي بليغٌ« تلك التي شالت القهرَ في عبها, فتوحدتْ معه, و قالتْ بلاغتها, في تكوين أعانه السردُ و الصدق و الشعريّ ليكون القصيدة.